Wednesday, 17 Apr 2024

أزهار المشمش تفتتح ربيع كيوتو

الربيع، فصل تتفتح فيه الأزهار و تستفيق الكائنات من سباتها الشتوي.. فصل يترقبه الكثيرون في كل عام بعد برد الشتاء القارس، و ما الربيع في اليابان من دون أشجار الكرز (الساكورا) الوردية ؟ في الواقع رحلتي اليوم تحمل الإجابة… فقبل أن تزهر أشجار الساكورا هناك من يبذل جهداً أكبر ليزهر في الأيام البارده الأولى للربيع ليعلن بداية الفصل الجديد

رحلتي كانت في جنوب مدينة كيوتو التي أسكنها، بالتحديد في منطقة فوشيمي إلى معبد يسمى جونان-غو 城南宮
يشتهر بأزهار الكرز و المشمش اليابانية (أومي 梅) و التي تزهر في بداية شهر مارس.

في المدخل استقبلتني هذه الشجرة التي بدا لي مظهرها كشلالات زهرية اللون قد توقف بها الزمن.. سبحان الله لونها المنعش و مظهرها الجميل كان يبهر المارة فحتى كبار السن يتوقفون لالتقاط صورة بجانبها للذكرى.

أشجار المشمش اليابانية تزهر قبل الساكورا و البعض لا يفرق بين الاثنين لتشابه اللون و في بعض الأنواع شكل الزهرة كذلك متشابه.
تخيًل أن تداعب كتفيك الزهور و أنت تمشي في المسار المرسوم، أن ترفع رأسك لترى السماء الزرقاء فتجد الجذوع تمتد لترسم إطاراً جميلاً

الحديقة تغطيها أشجار المشمش بوردها الأبيض و الزهري، كذلك العنابي أيضاً

زقزقة العاصفير تشعرك بسعادتها، هناك طائر يظهر في هذا الوقت من العام.. يسمى “مي جيرو” صغير الحجم و تحيط بعينيه اللون الأبيض لذلك سمي بهذا الاسم و هو يعني أبيض العين.. في اللغة العربية يسمى طائر النظارة الجبلي، أعتقد أنه ما حول عينيه بدا لأحدهم كأنه يرتدي نظارة. و قد كان يلهو على الأغصان و يغرد بسعادة بينما يتناول الرحيق من الزهور.. حاولت التقاط صورة قريبة له لكني لم أفلح فهذه كانت أقرب ما يمكن رؤيته.

التجول حول حديقة المعبد كأنه حديقة للزهور، فهو لا يشتهر بأشجار الكرز و المشمش فقط بل يحتوي على أنواع مختلفة من النباتات و الأشجار و أسماء كل منها موضحة على الألواح فالتجول يصير ثقافة و وعياً و متعة بصرية، ما ترك انطباعاً لدي هو كيف ان الجميع من حولي كانوا يشيرون إلى الأشجار بأسمائها المختلفه.. حتى الأشجار المختلفة في نظري أشير إليها بوصف “شجرة” لا أتبعها باسم لها، بعد هذه الزيارة أصبحت أربط الأسماء بالأشجار و أستطيع أن أميز بعضها.. تميزت الحديقة كذلك بجانب مصمم بأسلوب الـ”زن” الياباني في تصميم الحدائق و الذي يحمل معناً لكل صخرة مصفوفة، بداخل الحديقة لفت نظري منظر أجسام يحيط بها القش فلما سألت عن ذلك أخبروني أنها طريقة قديمة لحفظ النباتات الحساسة من برد الشتاء القارس

هذه الطريقة تسمى بـ “كوموماكي” و تحفظ بداخلها من درجات الحرارة التي لا تتحملها

كذلك كانت هناك برك صغيرة و تسبح فيها أسماك الكوي اليابانية. الأغصان التي تتدلى فوقها هي في الحقيقة شجرة ساكورا لم تزهر بعد و يتوقع ان تزهر في نهايات شهر مارس و بدايات إبريل.. لكم أن تتخيلوا جمال المنظر وقتها..

في الختام، أود أن اترك صورة لكنها ذات معنى كنت أجهله حينما رأيت الجميع يلتقط من ذات الزاوية.
زهرة “تسوباكي” لدى اليابانيين ترمز للكفاح حيث أنها تزهر قبل زميلاتها في الشتاء و بعد أن تكمل دورها لا تسقط البتلات واحدة تلو الأخرى بل تسقط الوردة قطعة كاملة و بسقوطها تسمح لزهور المشمش بأن تأخذ الدور من بعدها و تعلن مشارف الربيع.. ورود الـ”تسوباكي” و هي على فكرة ذات أنواع عديدة و ألوان مختلفة أيضاً استمتعت بمشاهدتها في الحديقة.
ففهي هذه اللقطة تظهر ورود التسوباكي و قد سقطت و في الخلف تتلون الحديقة بأزهار الخوخ الذي أخذ الدور من بعدها ليعطيه للساكورا من بعده

كانت رحلة ممتعة لتجربة هذا الجانب الجميل من الحياة اليابانية.. و لكم هو جميل التفكر في الطبيعة من حولنا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

CAPTCHA